السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مشكلتي هي الخجلُ الشديد، والعجز عن الكلام، ونسيان الكلام عند وجود الناس، مع العلم أنني في البيت مع أهْلي لا أخجل وكلامي طبيعي، هذا الأمر يزعجني جدًّا، وجعل الناس لا يحترمونني، وليس لدي صديقاتٌ بسبب هذا الأمر، ماذا أفعل؟
أرجوكم ساعدوني، جرَّبتُ كلَّ الطرق، لا فائدة، أنا عشتُ مع أمٍّ وأبٍ عاشَا في بيئة مُتخلِّفة، كلُّ تربيتهما لي صُراخ وضرْب واستهزاء، هذا الأمر أثَّر في شخصيَّتي، مع العِلم أنني فتاة جميلة، ولا يَعيبني شيءٌ غير الخجل، لا أخرج من البيت، أكره التجمُّعات والحَفَلات، وإذا أردتُ أن أخرجَ أشعر بضيقٍ وقَلقٍ، ليس لَدَي ذكريات، كلُّ ذكرياتي تزعجُني، أرجو مساعدتي، وشكرًا.
الجواب:
أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله - تعالى - وبركاته.
أشكرُ لكِ اختيارَك للموقع في بحثك عن الحلِّ لمشكلتك، ونسأل الله - تعالى - أن يجعلَنا سببًا في ذلك؛ إنَّه - تعالى - سميعٌ مُجيب.
عزيزتي:
رغم صِغَر سنِّك - نسبيًّا - لكني لمستُ فيكِ قُدرةً على تشخيص أسباب المشكلة وحَصْرها، ثم معرفتك لمزاياكِ ونقاط القوَّة فيكِ، وهذا أمرٌ يدلُّ على وعْيك وتمتُّعكِ بمستوى فكرٍ عالٍ، قد لا يتوفَّر لدى كثيرين.
وهنا أجد من الذكاء أن تستثمري ما ذَكَرْتِه أنتِ من مزايا فكريَّة، وما تتمتَّعين به من نِعم في تعزيز ثقتك بنفسكِ، واجتهدي في تغيير نظرتكِ لذاتك؛ لأنَّ الحلَّ يبدأ من هنا، فكيفما تكون نظرتُنا واعتقادُنا لأنفسنا، يكون فِكرُنا ثم سلوكُنا، وإن تغييرَ اعتقادٍ ونظرة كهذه لا يأتي إلا إذا توفَّرتْ قناعة داخليَّة لديكِ بها، وهذه القناعة تبدأُ بإشغال نفسك في التفكير بمزاياك، وبكل ما أوتيتِ من نِعم، ثم قارِني نفسَك بغيرك ممن تَعرفين من الذين لا يَملكون ما تَملكين.
بعد ذلك ابْدَئي بحوارات قصيرة مع قريناتك من الجيران أو زميلات الدراسة، أو أيٍّ من معارفك ممن هنَّ في سنِّك - أو الأقل سنًّا - وحين تبْدَئين الحوارَ، لا تفكِّري إلاَّ في مزاياك، وفي موضوع الحوار، وابْعدي عنكِ أيَّ تفكيرٍ آخرَ.
كما أنْصحكِ بالبحث عن هوايات تستهويك، ثم دَاومِي على ممارستِها، كأنْ تكون هواية الكتابة، واكْشفي فيها عن مكنوناتك، ثم اعْمدي إلى تَنْميتها وتطويرها، واشْغلي فِكرَك بها.
كذلك لا بُد لكِ مِن الابتعاد عن التفكير في أسباب مشكلتك، فنحن نتحرَّى الأسباب لنعالجَها - وهذا ما فعلته بنجاح - وليس لنقفَ عندها، وهو ما أرجو ألاَّ تفعليه.
وأخيرًا: أنصحك بالمداومة يوميًّا على قراءة وِرْدٍ من القرآن الكريم بترتيلٍ وبصوتٍ واضح، في مكان تنقطعين فيه عن أفراد أُسرتك، وألظِّي بالدعاء إلى الله - تعالى - أن يطلقَ لسانَك بالقرآن الكريم، فلعلَّه يكون بإذنه - تعالى - سببًا في بيان اللسان.
تمنِّياتي لكِ أخيرًا بالتوفيق والنجاح في كافَّة الميادين، وأدعو الله - تعالى - أنْ يصلحَ حالَك؛ إنَّه سميعٌ مجيب.
اسم الكاتب: أ. شروق الجبوري
مصدر المقال: موقع الألوكة